Image Not Found

سوق مطرح.. عبق الماضي المفقود!..

مسقط – تقرير يوسف بن احمد البلوشي “وجهات”|

يعدُّ سوق مطرح من أقدم الأسواق في سلطنة عُمان وهو نموذج للأسواق الشرقية القديمة؛ فهو يمتاز بممراته الضيقة المتعرجة، المسقوفة بالخشب، كما أنه امتداد عميق داخل المدينة، يبدأ ببوابة تواجه بحر عُمان وطريق مطرح البحري، وينتهي ببوابة أخرى على المدينة القديمة من الجانب الذي تستقبل منه زوارها القادمين من غالبية القرى والمدن العمانية.
ولا يُفوِّت السياح زيارة هذا السوق لما له من جمال، يبعثه عبق الماضي الجميل وروائح اللبان والبخور والعطور العربية، إلى جانب معروضاته المتنوعة القديمة والحديثة مثل (المشغولات اليدوية كالفضيات والخناجر والأقمشة التقليدية، والحلوى العُمانية، والبهارات المتنوعة).

بالأمس تجولت” وجهات” في أروقة سوق مطرح الذي لم يكن السوق في نشاطه، مع قلة عدد المترددين عليه من الزوار والسياح، أعداد قليلة من السياح بدخول السوق فرادى وعبر مجموعات صغيرة أمامهم مرشد سياحي. قبل دخولنا إلى ممر السوق الرئيسي هناك شرفات لمباني مطرح المطلة على ميناء السلطان قابوس يلتقط لها الزوار صورا تذكارية، التي لا تزال تحافظ على رونقها القديم لتعطي المكان جمالا.

محلات تبيع صناعات قديمة بكل تأكيد أغلبها غير عمانية يعرض الباعة من العمالة الوافدة تلك البضاعة على السياح ينادونهم من خارج المحلات للدخول لمشاهدة البضاعة المعروضة. لكن اولئك السياح لا يهتمون كثيرا بهم يمرون من أمام المحلات من دون شراء شيء ما.
لم تكن بالامس هناك حركة سفن سياحية بالميناء السياحي، مما جعل حركة السوق ضعيفة وغير مزدحمة. وصلت عند الساعة 11 ظهرا مجموعة من السياح تتقدمهم مرشدة سياحية تشرح لهم وقفوا عند أو محل لبيع اللبان، شرحت لهم كيفية استخدام اللبان وتم حرق حبات منه من “المبخار” الذي قدم للسياح لشم رائحته، كلمات أعجاب خرجت من البعض خاصة النساء، لرائحته الزكية.

تقدمت المجموعة الى داخل السوق يتابعون سيرهم، والمرشدة تشرح لهم مكونات السوق، وهناك أعداد من العمالة الوافدة تقف أمام المحلات ترحب بالسياح وينادونهم للتبضع من المحلات ويقدمون الهدايا مثل الكمة العمانية ذات الخياطة “البغلاديشية” أو مجموعة “عصي” أو حرير كشميري. لا شيء من التراث العماني يقدمه سوق مطرح للزوار. تغيرت ملامح السوق كثيرا، فلم تعد رائحة البهارات في السوق. بل تحول السوق إلى ما يشبه سوق اليلام، كل ما يقدم صناعة “صينية”، للعب أطفال وكأنه “سوق سابع”.
قوة وسمعة السوق تراجعت، فإذا كانت بلدية مسقط طورت السوق خلال السنوات الماضية، لكن لم يستطع اصحاب المحلات تطوير محلاتهم والمحافظة على نمط السوق التقليدي العماني لسوق مطرح.

حينما تتعمق إلى داخل السوق، تجد عدد من الباعة العمانيين يبيعون بعض المنتجات العمانية يفرشون “دكة” على معروضاتهم، الاقل لهم صورا بعد ان اسئذنتهم بذلك فلم يمانعوا.
بينما كان في آخر السوق ركن للصناعات الحرفية العمانية تصطف مجموعة دكاكين صغيرة مدعومة من وزارة التنمية الاجتماعية من حيث الكهرباء والايجار. فيها مجموعة من الشباب العمانيين وبعضهم يتجاوز الخمسين عاما يجلسون في محلاتهم. سألتهم عن قوة الشراء من محلاتهم، قال احدهم: الحمد لله، لكن الشراء متذبذب بين ضعيف ومتوسط. تعرض هذه المحلات اللبان والبخور ومنتجات سعف النخيل والمجامر.

سوق مطرح عبق الماضي التليد، وبوابة سياحية وقبلة للزوار لمن يأتي إلى سلطنة عُمان عامة والعاصمة مسقط خاصة. الجميع يحرص على زيارة هذا السوق الذي وصلت سمتعه إلى البصرة وشرق أفريقيا والهند وغيرها من الدول التي كانت ذات ارتباط تجاري مع مطرح قديما.
ومع حرص سلطنة عمان على جعل الأسواق التقليدية والشعبية وجهات سياحية، يجب إعادة النظر في سوق مطرح كواجهة سياحية، والعمل على تغيير صورة السوق التي تحولت إلى ما يشبه محلات “ليلام”. لضعف البضاعة المعرضة. بكل تأكيد توجد عدد من المحلات تبيع الخناجر والحلي والفضيات لكن يبدو أن عددها يتراجع يوما بعد يوم يمكن لقلة القوة الشرائية لمثل هذه المنتجات خاصة من قبل السياح، الذي لا يدفعون كثيرا للتسوق من محلات السوق، سوى قضاء ساعات في اروقته تجوالا والتقاط صور تذكارية.

اليوم يجب أن تتحرك وزارة التراث والسياحة ومعها بلدية مسقط ومحافظة مسقط لاعادة سوق مطرح ليتصدر المشهد السياحي والتجاري للعاصمة العمانية مسقط من جديد، ومحاولة زيادة نسب التعمين في المحلات التجارية واقامة مطاعم عمانية ومقاه محلية بنكهة مطرح القديمة لبيع “الباجلة” و “الدنجو” وخبز الرقاق، والقيمات وقريصات بالعسل. وإعادة صوت حمدان الوطني ومحمد المقيمي في أروقة السوق حتى لما تدخل السوق تعود بك الذاكرة إلى الوراء مع سماع هذه النغمات العذبة للفنانين العمانيين في سوق مطرح.